النهار-21-11-2019
لم يسلم أساتذة المدارس الخاصة من تداعيات الأزمة المالية في البلد. فبينما تستمر الانتفاضة وتستقطب الطلاب والتلامذة، وكذلك أساتذة قرروا الانتساب اليها وشاركوا في ساحاتها، من دون أن يكون هناك قرار رسمي من نقابة المعلمين، تعرّض مئات الأساتذة في حصيلة أولية إلى إجراء من مدارس عدة قضى بحسم قسم من رواتبهم وصل إلى نصف راتب، وبعضهم تسلم مبلغاً مقطوعاً من دون تبرير، علماً أن المدارس استوفت النسبة الكبرى من أقساط الفصل الدراسي الأول.
تبين أن الحجة التي ساقتها ادارات المدارس للحسم من الرواتب هي الظروف القاهرة التي يمر بها البلد، وأن عدداً من أفراد الهيئة التعليمية تغيبوا عن صفوفهم، وهو الأمر الذي ردت عليه نقابة المعلمين بأن الغياب كان قسرياً وبناء على طلب من إدارات المدارس، وهم لم يمانعوا من تعويض الاقفال بأيام اخرى ضمن دوامهم الاسبوعي، وبالفعل بدأ العديد منهم بالقيام بذلك، وفق ما قالت النقابة في بيان لها، مشددة على ان رواتب افراد الهيئة التعليمية هي حق مقدس للمعلمين تدفع وفقا لأحكام المادة 21 من قانون 1956 في آخر كل شهر ولأشهر السنة الاثني عشر. ويبدو أن أزمة الرواتب مفتوحة على كل الاحتمالات، إذ أبلغ بعض إدارات المدارس المعلمين أن القسم الثاني من الراتب قد لا يكون دفعه متاحاً خلال المرحلة المقبلة، وهو مرتبط بالتطورات في البلد.
نقيب المعلمين في المدارس الخاصة رودولف عبود، قال لـ"النهار" إن المدارس تتحجج بالأوضاع للتملص من واجباتها، إذ ليس صحيحاً أنها في حالة ضيق مالي، خصوصاً الكبيرة منها، وبالتالي فإن السكوت عن تدابيرها قد يفتح على إجراءات أخرى خطيرة تطال المعلمين في معيشتهم واستمراريتهم. ولفت الى أن النقابة تناقش في كيفية الرد على إجراءات المدارس، وهي بصدد البدء باتصالات مع المعنيين، ومن بينهم بكركي وترتيب لقاء مع اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة قبل اللجوء إلى التصعيد إذا اقتضى الامر.
ووفق معلومات "النهار" أن الحسم من الرواتب والتدابير المالية الأخرى لم يقتصرا على مدارس صغيرة، بل طالت مدارس كبيرة، إفرادية في بيروت والجنوب وجبل لبنان والشمال والبقاع، وأخرى تابعة لجمعيات، وكذلك مدارس كاثوليكية، حتى ان إدارات بعض المدارس أعطت سلفة على الراتب متحججة أن الأهالي دفعوا جزءاً من أقساطهم فقط، وهو ما اعتبرته النقابة تبريراً غير مقنع بالاقتطاع من الرواتب، "وهي تتفهم أن بعض المدارس لم يستوف الاقساط بالكامل، ولكن لا يمكن التحجج بذلك لعدم سداد رواتب المعلمين، الذين تفهموا اوضاع مدرستهم وقدموا التسهيلات، الا ان الرواتب تستحق قانونا ويجب ان تسددها الادارات وفق آلية محددة في حال كانت المؤسسة تعاني مشكلات مالية في الوضع الراهن".
تستغرب النقابة أيضاً الإجراءات المتخذة ضد المعلمين، وهي ترفض تحميلهم مسؤولية الأزمة الراهنة، فيما هي لم تقرر النزول الى الساحات والمشاركة في الانتفاضة، وتركت الخيار للأساتذة أن يعبروا عن قناعاتهم بالطريقة التي يختارونها، وهي لم تعلن الإضراب تضامناً مع الانتفاضة، ولم يتغيب الأساتذة عن صفوفهم إلا في الحالات التي كانت فيها الطرق مقطوعة، علماً أن نقاشاً حصل في النقابة حول ضرورة ان يكون موقفها واضحاً في الانتساب الى الحركة الشعبية، لكن الخيار كان ألا تُحسب النقابة على أطراف سياسيين، وهو موقف أعلنه نقيب المعلمين رودولف عبود برفضه النزول الى الساحات باسم النقابة كي لا تتعرض للتسييس، وهو موقف تعرض لانتقادات كثيرة، باعتبار ان الانتفاضة تحمل مطالب تعني أيضاً المعلمين ومستقبلهم.
ويتخوف عدد من المعلمين من أن تستمر التدابير التي اتخذتها المدارس وأن تتوسع أيضاً وتصبح أمراً واقعاً، خصوصاً وأن النقابة لا تزال تطالب بتطبيق القانون 46 ونيل الدرجات الست التي ترفض المدارس احتسابها للمعلمين، وتتخوف أيضاً من أن تؤثر الإجراءات عليها. وقد ناشدت نقابة المعلمين لجان الاهل في المدارس دعوة الاهل الى سداد الاقساط المدرسية لانتظام السنة الدراسية، ووزارة التربية لدفع مستحقات المدارس المجانية في مواعيدها. وطمأنت النقابة المعلمين الى ان "تعويضات نهاية الخدمة المستحقة تم صرفها في ادارة الصندوق"، وأنها "تتابع بحذر الوضع النقدي في لبنان وتجهد مع مجلس الادارة على حماية التعويضات والمعاشات التقاعدية في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان"