المرصد
أسعد سمور- تحاول القوى الطائفية إستعادة التوازن بعد ضربة إسقاط الحكومة. ولذلك يبدو أنها تسعى إلى المماطلة في تشكيل الحكومة العتيدة في محاولة يائسة منها لشد العصب الطائفي والمذهبي من جديد. وفي هذا الاطار تولى التيار الوطني الحر وتيار المستقبل دورا مهما في الأيام القليلة الماضية من خلال اللجوء إلى الشارع حيث أن استقالة الحريري استدعت خروج بعض الشبان في مسيرات لم تتجاوز الأحياء الفقيرة التي يقطنون فيها، في حين بذل التيار البرتقالي جهده لتنفيذ مظاهرته الخجولة أمام قصر بعبدا.
الثورة من جهتها كانت قد أعلنت عن التظاهر في يوم "أحد الوحدة" حيث احتشد المحتجون والمحتجات في ساحات صيدا وصور والنبطية وطرابلس والبقاع وجل الديب وجبيل وبيروت. مظاهرة الأحد أثبتت للجميع أن لا أحد يمكنه الدخول في لعبة الشارع. فالثورة التي أطلقها اللبنانيون لا يستطيع أن يقف بوجهها زاروب طائفي مقيت يسميه نفسه شارعا. التحرك الاحتجاجي في أحد الوحدة لم يكن للرد على مسرحيات الولاء الهزيلة التي شهدنها سواء تلك الداعمة للرئيس المقال سعد الحريري أو تلك التي شهدناها في عين التينة أو أمام قصر بعبدا. بل تأتي المظاهرات الاحتجاجية في سياق الضغط المستمر لإنجاز عملية التغيير السياسي والاجتماعي للبلاد.
وبعد أن نجحت الثورة في معركة إسقاط الحكومة، فإنها اليوم تخوض معركة فرض حكومة انتقالية تحضر للانتخابات النيابية المبكرة. وإذا كانت القوى الطائفية تصدر مواقفها عبر الشاشات فإن الثورة تطلق مواقفها من الساحات. وما قرار قطع الطرقات وإعلان الاضراب العام في كل لبنان ونجاح القوى الثورية في تنفيذ هذا القرار بالرغم من كل محاولات القوى الطائفية لإطفاء المسيرة الحماسية للثورة إلا دليل قاطع على أن الثورة مستمرة ما يزيد من حدة المأزق الي تعاني منه القوى الطائفية، ويضعها مرة أخرى أمام مسؤوليتها في تشكيل حكومة ترضي الشارع الثائر.
اليوم جميع القوى الطائفية والمذهبية ودون استثناء تقر بأحقية المطالب الشعبية للثورة وتحاول تبني شعارتها ومطالبها، بل أن أصواتا خرجت ترحب بـ"الحراك" كفريق جديد على طاولة النهب وسرقة المال العام والتي تسمى "طاولة مجلس الوزراء". وتكمن خطورة هذا المسعى الجديد في تحويل الثورة إلى طائفة جديدة تدخل في بازار المحاصصة الطائفية والمذهبية وهذا ما لن تنجر إليه الثورة فهي أساسا أعلنت رفضها للورقة الاصلاحية المزعومة إذا أن المطلوب بشكل أساسي من الحكومة العتيدة التحضير للمرحلة الانتقالية وإجراء الانتخابات النيابية المبكرة. وعلى الأحزاب الطائفية أن تقدم حكومة تحوز على رضى الثوار في الشارع وليس حكومة توافقية بين القوى الطائفية الفاسدة.